الدولار الأمريكي يمحو إلى حد كبير مكاسب 2024 وسط التوقعات بخفض أسعار الفائدة الفيدرالية

تراجع الدولار الأمريكي بأكثر من 4% منذ بداية الربع الثالث حتي الآن، مما أدى إلى محو أغلب مكاسبه التي حققها في عام 2024، يأتي هذا وسط التوقعات المتزايدة بأن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي قريبًا في تخفيف سياسته النقدية من خلال خفض أسعار الفائدة.

وفقًا لـ “دويتشه بنك ريسيرش”، يقوم السوق الآن بتسعير دورة كبيرة نسبيًا لتخفيف الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، وبالتالي من المرجح أن يفقد الدولار الأمريكي مكانته بين أعلى ثلاثة عملات ذات عائد مرتفع بحلول العام المقبل.

يتوقع المستثمرون أن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض سعر الفائدة في اجتماعه الذي سيعقد 18 سبتمبر وسيستمر لمدة يومين الامر الذي سينعكس على سعر الدولار في سوق تداول العملات وتشير التوقعات في سوق العقود الآجلة للأموال الفيدرالية احتمالات بنسبة 57% بأن يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي (والذي يحتفظ به الآن عند نطاق مستهدف يتراوح بين 5.25% – 5.50%) بمقدار ربع نقطة مئوية، وفقًا لأداة CME FedWatch Tool، وهناك احتمالًا أقل بنسبة 43% لخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر.

ما هو التالي لأسعار الفائدة الأمريكية؟

ترك البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها دون تغيير في اجتماعه الأخير في يوليو للمرة الثامنة على التوالي، لتبقي سعر الفائدة القياسي بين نطاق 5.25% و 5.50% وهو أعلى مستوي له في 23 عام.

بينما لم يتخذ البنك الاحتياطي الفيدرالي أي خطوات لتخفيف سياسته النقدية في اجتماعه في يوليو، إلا أنه قال إنه تم إحراز تقدم أكبر في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2% وهي علامة على أن البنك المركزي يقترب من خفض سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ أربع سنوات.

ومؤخرًا لمح مسؤولون في البنك الاحتياطى إلى أن التقدم الأخير في خفض التضخم قد يمكنهم من تخفيض سعر الفائدة قريبًا، وفي مؤتمر جاكسون هول اقترح رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” أن خفض أسعار الفائدة قد يأتي في سبتمبر وأن المزيد من التخفيضات في الأسعار ستعتمد بشكل رئيسي على البيانات.

على الرغم من أن التضخم لا يزال أعلى قليلًا من هدف البنك الاحتياطى الفيدرالى البالغ 2% إلا إنه يستمر في التحرك نحو الاتجاه الصحيح لهدف البنك، مما يمهد الطريق أمام الاحتياطي الفيدرالي لخفض تكاليف الاقتراض في المستقبل القريب، علاوة على ذلك، يشعر البنك بالقلق أيضًا من أن الانتظار لفترة طويلة جدًا لخفض أسعار الفائدة قد يعمل على ضعف سوق العمل بلا داعٍ مما قد يؤثر على النمو الاقتصادي، وبرغم ذلك، حافظ البنك على سعر الفائدة لفترة طويلة حتى يكتسب ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%.

كيف تؤثر أسعار الفائدة على الاقتصاد الأمريكي؟

يقول الخبراء أن البنك الاحتياطي الفيدرالي يستخدم أسعار الفائدة “مثل دواسة الوقود ودواسة الفرامل”، حيث أن خفض سعر الفائدة يحفز الاقتصاد بينما يؤدي رفع الأسعار إلى إبطاء الاقتصاد، كما أن تغييرات الأسعار تستغرق عادة “12 شهرًا على الأقل” لإحداث تأثير اقتصادي واسع النطاق، بينما أسواق الأسهم تتفاعل على الفور.

على سبيل المثال: عندما أشار رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” في العام الماضي إلى احتمالية رفع أسعار الفائدة مرة أخرى دخل السوق في حالة من الانحدار وانخفضت المؤشرات الرئيسية بأكثر من 1%، بينما ارتفعت عائدات الخزانة ووسع الدولار الأمريكي من مكاسبه مرة أخرى.

كيف تؤثر أسعار الفائدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي؟

نظرًا لأن الولايات المتحدة تمتلك أكبر اقتصاد فى العالم، فبالتالي كل خطوة اقتصادية سيكون لها تأثير فوري علي الأسواق العالمية، حيث تعمل أسعار الفائدة المرتفعة على خلق مخاوف متزايدة بشأن آثارها العالمية خاصة على الاقتصادات الناشئة، بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي الذي يتوافق مع ارتفاع سعر الفائدة، ويستخدم الدولار الأمريكى كمعيار للنمو الاقتصادى الحالى والمستقبلى فى العديد من دول العالم.

تؤثر أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة على الاقتصادات الأجنبية بنفس الطريقة التي تؤثر بها على الاقتصاد المحلي مما يقلل من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الأجنبية، وتشير التقديرات إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المتقدمة بنسبة 0.5% والاقتصادات الناشئة بنسبة 0.8% بعد ثلاث سنوات، وتؤثر هذه الزيادة في الأسعار على الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي أو التي لديها أحجام تجارية كبيرة مع الولايات المتحدة.

1 .الدولار المتصاعد

عقب الأزمة المالية العالمية في عام 2008 نفذ البنك الاحتياطي الفيدرالي سنوات من التيسير الكمي لتحفيز التعافي الاقتصادي، وخفض أسعار الفائدة إلي ما يقرب من الصِفر، حيث ظلت على هذا الحال لمدة ست سنوات تالية، كانت الفكرة الأساسية هى تعزيز الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي وسحب الاقتصاد الأمريكى من حالة الركود، وفي السنوات التى تلت ذلك، دخل الاقتصاد فى مرحلة التعافى.

وفي أعقاب جائحة كوفيد 19 والارتفاع الكبير فى مستويات التضخم، بدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة وهي العملية التي استمرت حتى عام 2023.

تاريخيًا، كانت أسعار الفائدة المرتفعة تسير جنبًا إلي جنب مع زيادة قيمة الدولار الأمريكى، الأمر الذي أثر علي النواحي الاقتصادية محليًا وحول العالم، وخاصة في أسواق الائتمان والأسهم والسلع وفرص الاستثمار.

غالبًا ما يعمل الدولار القوي المصاحب لزيادة الأسعار على تعزيز الطلب الأمريكي على المنتجات في جميع أنحاء العالم.

2 .سندات الخزانة

ترتبط السندات الأمريكية بشكل مباشر مع التغيرات فى سعر الفائدة الأمريكية، في الولايات المتحدة، يشير منحنى عائد سندات الخزانة إلى التغيرات فى سعر الفائدة المحلي، ومع تحرك منحنى العائد صعوداً أو هبوطاً، يتم تحديد الأسعار العالمية وفقاً لذلك.

نظراً لأن سندات الخزانة الأمريكية تعد من الأصول الخالية من المخاطر، ومع توقع ارتفاع أسعار الفائدة يندفع المستثمرين العالميين إلى إيداع أموالهم فى الولايات المتحدة، وهذا يشكل ضغط كبير على الأسواق الناشئة لتظل جذابة، وفي نهاية المطاف، قد يشكل هذا عائق على معدلات التوظيف فى الدول النامية، جنباً إلى جنب مع أسعار الصرف والصادرات.

3 .الديون المسعرة بالدولار الأمريكي

تتأثر الأسواق الناشئة عادة بارتفاع سعر الفائدة فى الولايات المتحدة وقوة الدولار الأمريكي، إن دولاً مثل البرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا، التي تعانى من عجز تجارى دائم، تمول عجز حساباتها من خلال تراكم الديون المقومة بالدولار.

وفى الحالات التى ترتفع فيها سعر الفائدة في الولايات المتحدة يميل سعر صرف عملات الدول النامية والولايات المتحدة إلي الاتساع في ظل قوة الدولار الأمريكي، وينتج عن ذلك زيادة الديون المسعرة بالدولار والمستحقة علي الدول النامية لتصبح تلك الدول غير قادرة على السداد.

4 .سوق الائتمان

يمكن أن تكون المخاوف من زيادة سعر الفائدة متمثل فى تأثيرها الانكماشي علي الائتمان والمعروض النقدي، وتشير النظرية الاقتصادية الأساسية إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلي تراجع المعروض النقدى وزيادة قيمة الدولار، فى الوقت نفسه، يتقلص سوق الإقراض والائتمان.

ويتبع سوق الائتمان التحركات في سندات الخزانة، فمع زيادة سعر الفائدة ترتفع تكلفة الائتمان، ويصبح الاقتراض أكثر تكلفة بدءًا من القروض المصرفية إلى الرهن العقاري، وبالتالي، فإن ارتفاع تكلفة رأس المال يمكن أن يعيق عمليات التصنيع والاستهلاك والإنتاج.

من المتوقع أن تأتى العواقب الأكثر عمقًا لزيادة أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة علي حساب اقتصادات الدول الآسيوية، وهذا يؤدى إلي تسريع التدفقات المالية من الدول الآسيوية وعلى رأسهم الصين ليخلق المزيد من عدم الاستقرار.

تاريخيًا، قامت الصين بالاقتراض من البنوك الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي، وكان ذلك الاقتراض مدفوع بأسعار فائدة أقل، ولكن مع تشديد شروط الائتمان تراجع ​​الإقراض الأجنبي للدول المثقلة بالديون.

5 .سوق السلع الأساسية

يتم تسعير الذهب والنفط والغاز وغيرها من السلع الأساسية العالمية بالدولار الأمريكي، وفي ظل قوة الدولار الأمريكي في أعقاب زيادة أسعار الفائدة ترتفع أسعار السلع الأساسية لحاملي العملات غير الدولارية.

إن الاقتصادات التى تعتمد في المقام الأول علي انتاج السلع الأساسية سوف تكون أسوأ حالاً، فمع تباطؤ النمو الاقتصادي سوف يتراجع الطلب على السلع الأساسية.

6 .التجارة الخارجية

علي الرغم من التأثير السلبي لأسعار الفائدة الأمريكية علي الاقتصاد العالمى، فإن زيادة سعر الفائدة مفيد للتجارة الخارجية، من شأن الدولار الأقوي الذى يصاحب ارتفاع الأسعار أن يعزز الطلب على المنتجات في جميع دول العالم، مما يزيد من أرباح الشركات سواء المحلية أو الأجنبية علي حد سواء.

ونظرًا لأن التقلبات فى أسواق الأسهم تعكس الاعتقادات حول إذا ما كانت الصناعات ستنمو أو ستنكمش، فإن زيادة الأرباح الناتجة عن ذلك ستؤدي إلي ارتفاع سوق الأوراق المالية.

كيف تؤثر أسعار الفائدة الأمريكية على الصين؟

عندما ترتفع أسعار الفائدة تصبح تكلفة اقتراض المال أكثر تكلفة، وعندما تصبح السلع والخدمات أكثر تكلفة يتوقف الناس عن الإنفاق، ويبدأ هذا في إبطاء الاقتصاد وتتفاعل الشركات بإبطاء الإنتاج مما يؤدي إلى المزيد من التباطؤ وزيادة البطالة، وتعني زيادة البطالة أن الناس يستمرون في إنفاق أقل لأن ليس لديهم وظائف، مما يستمر في دورة الانكماش.

إن زيادة أسعار الفائدة الأمريكية من شأنها أن تعزز الدولار مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الصادرات الصينية، وهذا من شأنه أن يجعل الصادرات الصينية أقل قدرة على المنافسة ويضر بالاقتصاد الصيني، أما خفض أسعار الفائدة الأمريكية فمن شأنه أن يكون له التأثير المعاكس.

ماذا تعني زيادات الأسعار لمحفظتك؟

كما يقول الخبراء أن “ارتفاع أسعار الفائدة نعمة ونقمة للمستهلكين”، فعندما يرفع البنك الاحتياطي أسعار الفائدة سيدفع المستهلكون أسعار فائدة أعلى على الديون مثل بطاقات الائتمان، ومع ذلك، من ناحية أخرى، تميل أسعار الادخار أيضًا إلى الارتفاع، في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة يقدم الخبراء النصائح التالية:

1 .سداد أي دين: يجب أن تقوم بسداد ديونك قبل أن ترتفع أسعار الفائدة، في حين قد يبدو التأثير تدريجيًا في البداية، إلا أن الزيادات المستمرة في النهاية يمكن أن تجعل سداد الديون أكثر صعوبة.

2 .قم بتثبيت الأسعار إذا استطعت: بالنسبة لأولئك الذين لديهم خط ائتمان على حقوق الملكية في المنزل، فكر في تثبيت سعر فائدة أقل على جزء من رصيدك بالكامل.

في الختام:

إن أسعار الفائدة من مؤشرات أساسية لنمو الاقتصاد، وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن تعمل الخطوة التي سيتخدها البنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة على تحفيز النمو والبهجة لدى المستثمرين، في حين تعمل على تهدئة الاقتصاد نفسه.

محمد عبدالخالک

دیدگاهتان را بنویسید

یک بررسی اضافه کنید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

من Privacy Policy را می پذیرم

پیشنهادات شرکت فارکس

سرمایه شما در معرض خطر است
 

لیست کامل شرکت های فارکس